قيامة رجُلْ

قيامة رجل
********


لو أغمضتِ عينيكِ قليلاً وأطلقتِ الأمنياتْ
لحضرَ الفجرُ طائعاً يحملُ تحت إبطِهِ قُبلاتْ
لسمعتِ عصفوراً يؤذّنُ على فمِ الصّباحْ
ولوجدتِ حارساً يمنعُ عنكِ غبارَ الرّياحْ
فالماردُ غادر القمقمَ إليكِ
لا ترُدّيهِ خائباً
وسفينةُ النجاةِ تنتظرُ على الشاطئِ الرمليّ
وأسرابُ النّوارسِ تنعي كلَّ الأحزانْ
لو أغمضتِ عينيكِ وأطلقتِ الشّعورْ
لرأيتِ ربيعاً عاد الى مسقطِ رأسهِ
وعادتْ برفقتِهِ عودةَ المشتاقِ جوقةُ الزّهورْ
لرأيتِ رجلاً أنا هو كان يائساً وميّتاً
حضّرَ كفنهُ وهيّأَ قبراً ما بين القبورْ
لكنهُ عادَ...؟
خلقتْهُ اللحظةُ الخارجةُ من رحِمِ الصّدفةِ
رآكِ...فرأى كيف هوَتْ على الأرضِ الأبراجُ السوداءْ
وكيف اختفى تحت الرّكامِ الزّمنُ البكّاءْ
ولأنّ اللحظةَ منهُ...فقدرةُ اللحظةِ خارقةٌ
عاد لساني المُتجمّدُ الى الحركةِ المُثلى
قبض على الحروفِ التي فرّتْ ذاتَ يومِ
بنى بيوتَ الشِّعرِ على قياسِ الغرامْ
فأقبلتْ عاريةً مُلْكُ يديهِ الأيامْ
ألبسها مواويلَ الغزلِ الصّادقِ
فبايعتكِ ملكةً على الدنيا
وكلُّ الذي مضى ماتَ في تلكَ اللحظة
يدي تحوّلتْ طفلةً صغيرةً يُتمتمُ ثغرها البريء كلاماً :
ليتَ المصافحةَ تدومْ!! ليتَ الدفء يدومْ !!
كم هي جائعةٌ ؟ كم هي ظمآنةٌ ؟
وأنتِ الغذاءُ يا سيدتي وسلسبيلُ الماءْ
انا الوعدُ القادمُ من الصّدفةِ
أنا فارسُ اللحظةِ
إركبي جوادي...فلا مشانق بعد اليومِ ولا جلاّدينْ
أنا أميرُ الحُبِّ والحلمُ المولودْ
أنا الحديقةوالحقيقة والبساتينْ
وأنا الفدائيّ لأجلِ عينيكِ
هاكِ جوازَ السّفرِ الى الأحلامْ
مركبةُ العِشقِ تنتظرنا
وينتظرنا الدفءُ والضّوءُ على ثغور الأيامْ
لن تكونَ بعد اليومِ القُبَلُ باردةً
هيا بنا نلعبُ...نلهو...ونطيرْ
نُحلّقُ ونبتعدُ عن مُجتمعٍ سخيفٍ لا يهوى إلاّ صيدَ العصافيرْ
********************************************
شاعر الأمل حسن رمضان - لبنان