دولتي عاريةٌ

دولتي عارية



سيدتي
كي تحصلينَ على إذنٍ بالدّخولْ
دولتي تطلبُ تعهُّداً
عاريةً تدخُلينْ ؟
تُمزّقينَ كتابَ " ما قبلَ " الآنْ
وجنّتي كفيلةٌ بزوالِ الذُّبولْ
سيمنعُكِ الحُرّاسُ
يُحذّرُ إدخالُ الممنوعاتِ
وللتوضيحِ يا سيدتي
فكُلُّ شيئٍ في " ما قبلَ " يُعتبرُ من الممنوعاتْ
التجاربُ الفاشلةُ
القلبُ المُحطّمُ
القلقُ العتيقْ
والخوفُ والتردُّدُ والعُمْرُ الغريقْ
يُمنعُ دخولُ أرملةٍ مُصِرَّةٍ على طلب الإذنِ من المقبرة
فمَنْ ماتَ ماتَ ولن يعودْ
والوفاءُ " الموجِعُ " برميلُ بارودْ
أتركي كُلَّ شيئٍ خارجاً
فالمفاهيمُ الموروثةُ سقطَ حُكْمُها لمرور الزّمَنْ
يُمنعُ دخولُ الخائفينْ
عاريةً تدخلينْ ؟
كُلُّ شيئٍ في دولتي حديثُ التكوينْ
فلسفةُ حياة
سُفُنُ نجاة
وعقيدةٌ جديدةٌ ودِينْ
الدّفءُ في دولتي يا سيدتي لا يأتي من نارْ
والخمرُ في دولتي يا سيدتي ليس من الخمّارْ
تتلاقى الأرواحُ
ويعزفُ الصّباحُ
فيأتي الدّفءُ طائعاً
ويحضرُ الخمرُ راكِعاً
تلكَ هي القوانينْ
إني أُحبُّكِ عاريةً يا سيدتي
لكنَّ التعرّي غير التعرّي الذي تظنّينْ ؟
في دولتي فلسفةٌ مختلفةٌ وعقيدةٌ جديدةٌ وكذلك دينْ
فلسفتي بلا جاهليّة
عقيدتي بلا عُنصريّة
وديني يا سيدتي دينُ حُرّيّة
إني أُحبّكِ عاريةً
فهل تتعرّينْ ؟
ملابسُكِ ملوّثةٌ
محشوّةٌ بالجراثيمْ
ثرثراتٌ وأحكامُ عجائزْ
حواجزْ
صُداعٌ وجنائزْ
شكوكٌ وظنونٌ وغرائزْ
أشعِلي النارَ بالملابسِ القديمة
فانا أريدُكِ عاريةً
هل تتعرّينْ ؟
سيدتي
تهيّأْتُ لأسَلِّمَكِ دولتي العاريةَ
زهورٌ حقيقية وسماءٌ عذراءْ
مواعيدُ حُبٍّ وغناءْ
لا يوجدُ في دولتي دُخانْ
ممنوعٌ دخولُ الشيطانْ
في دولتي يا سيدتي أنهارُ عسلٍ وفاكِهةٍ ورمّانْ
وأناشيدُ ثورةٍ نظيفةٍ
وعلاماتُ جمعٍ
لا قسمة ولا طرْحَ ولا ضرْبَ في دولتي ولا قميصَ عُثمانْ
في دولتي مدينة القُدْسِ
وسلامُ الأنبياءْ
ووصايا الشهداءْ
في دولتي عيسى ومُحمّدْ وكلُّ الأنبياءْ
الكتابُ واحِدٌ
الشعبُ واحِدٌ
والهواءُ واحدٌ والماءْ
في دولتي فلسطينَ يا سيدتي
كُلُّ فلسطينْ
يُحرّمُ تواجدُ القرودْ
ويحرّمُ تواجدُ اليهودْ
في دولتي يا سيدتي بندقيّةٌ لا تطلق الرصاصَ الى الخلْفِ
المحتلّونَ طرائدي
في دولتي قصائدي
أدخلي عاريةً
هل تتعرّينْ ؟
أنا عربيٌّ خرجْتُ من رحِمِ الدّخانِ نقيّا
أُسبّحُ باسمِ ربّي تسبيحاً عربيّا
عروبتي مظلومةٌ
وإخوتي في السجنِ أسرى
سيخرجونْ
وسيجتمعُ الشملُ
وسيكونُ التفرّقُ نسْياً منسيّا
في دولتي
" البيتُ الأبيضُ " مسخرةٌ
والويلُ للإستعمارْ
خلعُتُ الزمنَ عن جسدي
خلّصْتُ الرّوحَ من عارْ
حرّرْتُ العقلَ في بلدي
من كابوسِ الإستحمارْ
وزرعْتُ الحُلُمَ في ولدي
أتصدّى للإستكبارْ
كوني عضدي كوني سندي
كوني خطَّ الإستمرارْ
يا سيدتي
تعرّيْتُ من ملابسي قبلكِ فأنشأتُ دولتي
ودولتي تطلبُ تعهُّداً
عاريةً تدخلينْ
هل تتعرِينْ ؟

*********************************

شاعر الأمل حسن رمضان - لبنان