رسالة
لمناسبة انعقاد "القمة العربية" في مملكة النفط السعودية، يطيب لي ايها السادة اصحاب ما تسمى بالجلالة مع أني لم أرى لها معلما في محيّاكم، و يا أصحاب ما يدعى بالسمو الذي لم أرى منه إلا الخسّة و الإنحدار، و يا أصحاب السيادة التي تنتهك كل يوم باسم الإعتدال، و أخيراً يا أصحاب الفخامة التي لا بد و أن يعترف لكم المرء بوجودها لمجرد أن يشم عطر (كارتييه) و يرى ربطات عنق ال (إمبوريو أرماني)، يطيب لي و أنا بنت الجنوب اللبناني الذي غامر أبناءه و سوّدوا للاسف وجوهكم، أن أعلمكم درسا كان بخلا من أسيادكم الأميريكيين أن أخفوه عنكم لأنه دواء ناجع للأزمات التي تحاولون إيجاد الحلول لها، خذوه بدلا من كل اللت و ما تعجنون، فقد كبر مقتاً عندي أنا المغذور ما تصنعون. قد ينتابكم استغراب كالذي مزق آمالكم في العدوان الأخير بأن شاباً ليس له باع طويل و لا حتى قصير في "التسويات العادلة" أو "الصفقات الرابحة" أو "ثقافة الحياة"، أن هذا الشاب يمكن له أن يعطيكم حل المشاكل التي وضعتم أنفسكم فيها. نعم، إسمعوا و أنصتوا و افهموا مع أن ذلك يستعصي عليكم، و لكن ربما ينفع الكلام ما دام الفعل و صدق الوعد لم يجنيا ثمارهما في أذهانكم.
بالتأكيد ليس الحل تشكيل وفد للذهاب إلى الأمم المتحدة لشرح مظلوميتنا للدول الكبرى و كأن الأخيرة جاهلة بهذا الأمر، أو المجيء إلى حيث العدوان (كما حدث في العدوان الأخير في مؤتمر وزراء الخارجية العرب) بعد أخذ إذن الهبوط من الطيران الإسرائيلي و بعد ذلك التصفيق ل"فوفو الحسّاس" الذي أغرقنا بدموعه الكاذبة فيما المقاومة تنتصر، و أيضا ليس بتفعيل المبادرات التي ردّ عليكم شارون بشأنها " لا تساوي الحبر الذي كتبت به" و لا بتوثيقها في الأمم المتحدّة (مع إسرائيل) بغية إيجاد العذر للتنازل عن بعض ما تتضمنه على انخفاض سقفه. ما أقوله ليس عرقلة كما يفعل " وليد بيك الإشتراكي" و " الناسك قائد القوات" شركائي في الوطن، لأن كل ما فعلتموه.. عفوا ما قلتموه لأنني ما عهدتكم فاعلين لم يسر في طريق النجاح حتى أعرقله. نعم أعترف أني عرقلت العدوان الإسرائيلي و هزمته فيما كنتم تشمتون بدم أطفال الجنوب و نسائه الجميلات اللاتي استعصى شرفهن على الذل و كسرّت دموعهن صخور الوهم التي زرعتموها في بلدانكم.
أقسم بالله أن الحل ليس صعبا لمن أراده، و لكن انى له أن يأتي و لم تعرفوا بعد كيف تحددون مشاكلكم و درجات أهمياتها لتعرفوا كيفية التصنيف و التحليل و إيجاد الحلول. المشكلة ليست إيران الفارسية يا بني قحطان الأقحاح، و ليست المشكلة في مقاومة حزب الله الشيعي، أو المقاومة السنيّة في العراق و فلسطين . الأميريكيون هم أصل المشكلة و إسرائيل إن كنتم لا تعرفون، و هناك مشكلة أخرى أعذروني فهي وجودكم بحد ذاته لأنه لم يعد لكم نفع لا بالنسبة لنا كمنتصرين و لا بالنسبة للأمريكيين و إسرائيل كعملاء، فالرمضاء لا تستجير بالنار إلا في الأمثال العربية.
لذا و بناء على ما تقدّم أيها المتأخرون كثيراً، الحل هو المقاومة و الشهداء لا الدموع و لا القبلات و لا المفاوضات ولا بدعة المبادرات. ألحل صاروخ و قذيفة و وعقل مخطط و يد تنفذ و أم تدعو و ترسل إبنها للمعركة على أرض الوطن لا على فراش العاهرات... ليصارع المحتل، الحل بكل بساطة أن تسألوا الصهاينة عمّا فعلناه بهم لتعرفوا ماذا يمكن لشعوبكم أن تفعل، و بعدها عرّجوا على أرضي في الجنوب و الضاحية لتعلمكم دروس المقاومة و الإنتصار... و لكن مهلا إن هذه الأرض أقسمت أن لا يدنسها خائن، فمعذرة لن نستقبلكم في أرضنا، لن تنالوا هذا الشرف... إذا سامحكم أطفال قانا و مروحين، و غفر لكم الشهداء سوف نغير رأينا و نسامحكم... و لكن لم ألفت عنايتكم إلى أن بجانبي صورة شهيد رفض ذلك في وصيته و احترامها عندي واجب إن كان هذا المصطلح قد حاولتم تطبيق معناه يوماً، فمجددا أعرب عن أسفي و لكن هذه المرة للشهيد بجانبي أني خاطبتكم و أوردت سيرته في مجالس البلهاء، بدل أن تذكر طوعاً في مجالس العظماء، في الدنيا هنا.. و في الآخرة هناك.