لستُ فقيراً

لســـتُ فقيراً

صحيحٌ أنَّ طعامي كسرةُ خبزٍ أحمرْ
شقّتي التي أسكنها بالإيجارْ
أولادي مُسجّلونَ في المدارسِ الحكوميّة
لا سيارة عندي ولا درّاجةً نارية أو هوائية
وسيلة النقلِ لديّ قدماي وإنْ كانت المسافة طويلةً أركبُ الحافلة
ثيابي أخبركم ولأوّل مرّةٍ أنها من البالةِ وانا أعرف كيف أختار الثيابْ
بالرغمِ من هذه الصور (الجميلة) أنا لستُ فقيراً !
أبداً لا أغارْ
همّي ليس (بطني)
أعرف أنّ الموتَ حتميٌّ
لن آخذَ معي الى القبرِ شيئاً
لا شقةً فخمةً ولا سيارةً جديدةً ولا حتى الغبارْ
أنا والغنيُّ نمشي
كلانا يمشي على قدميه
أنا أمشي على قدميَّ من قِلَّةِ المالْ
وهو يمشي على قدميهِ من كثرة المال؟
جسمي نحيفٌ
يحسدني الغنيُّ عليه
أنا ما زلتُ مؤمناً بطبّ الأعشابْ
بوصفاتِ جدّتي
بالزعتر بالطيون
وأملأ خزانتي كلّ عامٍ بالزيتِ والتينِ والزيتونْ
صحّتي ممتازة جداًولستُ زبوناً عند طبيبٍ أو صاحب مشفى
في حيّنا شيخٌ جليلْ
ألجأ اليه وقتَ الشِدّةِ
(رقوتُهُ لا تخيبْ)
ومؤخّراً رأيتُ الغنيَّ في حيّنا عند الشيخ الجليل
غريبٌ أمرها الدنيا
جرتِ العادة أن يُقلّدَ الفقيرُ الغنيَّ
وأنا أرى الغنيَّ يُقلّدني؟
مشيتُ على قدميَّ فمشى
تداويتُ بالأعشابِ فتداوى
آمنتُ برقوة شيخنا فآمنَ أيضاً
ترى؟
من لحق بمن؟
مَنْ غار ممّن؟
مَن الغنيّ بعد كلّ هذا مَنْ؟
أنا أملكُ عقلاً بوزن الدنيا
تدربتُ جيداً فانتصرتُ على الفقر
أنجبتُ أبطالاً وأحراراً
لم نسمحْ للفقر أن يدخلَ بيتنا
طردناه
ومليونَ جَلْدةٍ على مؤخّرتِهِ جلدناهْ
لو كنتُ الحاكم في بلدي لاعتقلتُهُ
لأودعتُهُ السجنَ وحاكمتُهُ
وفي النهاية بالطبعِ لأعدمتُهُ
الفقرُ عدوٌّ كبير
والله لو تجسّد لي رجلاً لقتلتهُ
أيها الناس
لا تقولوا بأني فقيرٌ
يا مَنْ انتصر عليكم الفقرُ في لحظةِ ضعفٍ عندكم
قفوا على أرجُلكم
لستم عبيداً له
هو ليس سيدكم
جبانٌ هو
أرجموهُ بأحذيتكم
بالطين بالأحجارْ
حرّروا معاصمكم
هاكم الشمسَ والأقمارْ
تقدّموا لقتالهِ
خيّروهُ بين أمرين:
ليس عليه إلاّ الإختيارْ
بين موتٍ مُحتّمٍ على أيديكم وبين الإنتحارْ ؟
الحياة لكم يا (فقراء العالم)
البقاء لكم يا معاشر الأحرارْ

شعر حسن إبراهيم رمضان